النظرات الخاصة لرؤيا يوحنا اللاهوتي

( اعتمدت رؤيا يوحنا معظم ما في الأدب الرؤيوي من اساليب وبنيات ولكن لا يمكن ان تعاد اليها على تام فهناك جزء من المؤلف هام لم يأت في صيغة الفن الرؤيوي وهو الرسائل الى كنائس آسية السبع )

رؤيا يوحنا الفصل الثاني

كنيسة أفسس

إلى ملاك الكنيسة التي بأفسس أكتب إليك ما يقول الذي يمسك بيمينه الكواكب السبعة الذي يمشي بين مناور الذهب السبع إني عليم بأعمالك وجهدك وثباتك وأعلم أنك لا تستطيع تحمل الأشرار وقد امتحنت الذين يقولون إنهم رسل وليسوا برسل فوجدتهم كاذبين إنك تتحلى بالثبات فتحملت المشقات في سبيل اسمي من غير أن تسأم ولكن مأخذي عليك هو أن حبك الأول قد تركته فاذكر من أين سقطت وتب واعمل أعمالك السالفة وإلا جئتك وحولت منارتك عن موضعها إن لم تتب ولكن يشفع فيك أنك تمقت أعمال النيقولاويين وأنا أيضا أمقتها من كان له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس الغالب سأطعمه من شجرة الحياة التي في فردوس الله

كنيسة إزمير

وإلى ملاك الكنيسة التي بإزمير أكتب إليك ما يقول الأول والآخر ذاك الذي كان ميتا فعاد إلى الحياة إني عالم بما أنت عليه من الشدة والفقر مع أنك غني وأعلم افتراء الذين يقولون إنهم يهود وليسوا بيهود بل هم مجمع للشياطين لا تخف ما ستعاني من الآلام ها إن إبليس يلقي منكم في السجن ليمتحنكم فتلقون الشدة عشرة أيام كن أمينا حتى الموت فسأعطيك إكليل الحياة من كان له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس إن الغالب لن يقاسي من الموت الثاني

كنيسة برغامس

وإلى ملاك الكنيسة التي في برغامس أكتب إليك ما يقول صاحب السيف المرهف الحدين إني عالم أين تسكن تسكن حيث عرش الشيطان ومع ذلك تتمسك باسمي وما أنك رت إيماني حتى في أيام أنطيباس شاهدي الأمين الذي قتل عندكم حيث يسكن الشيطان ولكن لي عليك مأخذ طفيف وهو أن عندك هناك قوما يتمسكون بتعليم بلعام الذي علم بالاق أن يلقي حجر عثرة أمام بني إسرائيل ليأكلوا ذبائح الأوثان ويزنوا وعندك أنت أيضا قوم يتمسكون كذلك بتعليم النيقولاويين تب إذا وإلا جثتك على عجل وحاربتهم بالسيف الذي في فمي من كان له أذنان فليسمع مما يقول الروح للكنائس الغالب سأعطيه منا خفيا وسأعطيه حصاة بيضاء حصاة منقوشا فيها اسم جديد لا يعرفه إلا الذي يناله

كنيسة تياطيرة

وإلى ملاك الكنيسة التي يتياطيرة اكتب إليك ما يقول ابن الله الذي عيناه كلهب النار ورجلاه أشبه بالنحاس الخالص إني عليم بأعمالك ومحبتك وإيمانك وخدمتك وثباتك وبأعمالك الأخيرة وهي أكثر عددا من أعمالك السالفة ولكن مأخذي عليك هو أنك تدع المرأة إيزابل وشأنها وهي تقول إنها نبية فتعلم وتضلل عبيدي ليزنوا فيأكلوا من ذبائح الأوثان وقد أمهلتها مدة لتتوب فلا تريد أن تتوب من بغائها ها إني ألقيها على فراش شدة كبيرة وألقي الذين يزنون معها إن لم يتوبوا من فعالها وأولادها سأميتهم موتا فتعلم جميع الكنائس أني أنا الفاحص عن الكلى والقلوب وسأجزي كل واحد منكم على قدر أعماله ولكن لكم أقول يا سائر أهل تياطيرة الذين ليسوا من هذه العقيدة الذين لم يعرفوا أعماق الشيطان كما يقولون لا ألقي عليكم عبئا آخر ولكن بما عندكم تمسكوا إلى أن آتي والغالب ذلك الذي يحافظ إلى النهاية على أعمالي سأوليه سلطانا على الأمم فيرعاها بعصا من حديد كما تحطم آنية من خزف كما أنا أيضا تلقيت السلطان من أبي وسأوليه كوكب الصبح من كان له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس

رؤيا يوحنا الفصل الثالث

كنيسة سرديس

وإلى ملاك الكنيسة التي بسرديس أكتب إليك ما يقول صاحب أرواح الله السبعة والكواكب السبعة إني عالم بأعمالك يطلق عليك اسم معناه أنك حي مع أنك ميت تنبه وثبت البقية التي أشرفت على الموت فإني لم أجد أعمالك كاملة في عين إلهي فأذكر ما تلقيت وسمعت واحفظه وتب فإن لم تتنبه أتيتك كالسارق لا تدري في أية ساعة أباغتك ولكن عندك بعض الناس في سرديس لم يدنسوا ثيابهم فسيواكبونني بالملابس البيض لأنهم أهل لذلك فالغالب سيلبس هكذا ثيابا بيضا ولن أمحو اسمه من سفر الحياة وسأشهد لاسمه أمام أبي وأمام ملائكته من كان له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس

كنيسة فيلدلفية

وإلى ملاك الكنيسة التي بفيلدلفية أكتب إليك ما يقول القدوس الحق من عنده مفتاح داود من يفتح فلا أحد يغلق ويغلق فلا أحد يفتح إني عليم بأعمالك ها قد جعلت أمامك بابا مفتوحا ما من أحد يستطيع إغلاقه لأنك على قلة قوتك حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي ها إني أعطيك أناسا من مجمع الشيطان يقولون إنهم يهود وما هم إلا كذا بون ها إني أجعلهم يأتون ويسجدون عند قدميك ويعترفون بأنني أحببتك لقد حفظت كلمتي بثبات فسأحفظك أنا أيضا من ساعة المحنة التي ستنقض على المعمور كله لتمتحن أهل الأرض إني آت على عجل فتمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك والغالب سأجعله عمودا في هيكل إلهي فلن يخرج منه بعد الآن وأنقش فيه اسم إلهي واسم مدينة أورشليم الجديدة التي تنزل من السماء من عند إلهي وسأنقش اسمي الجديد من كان له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس

كنيسة اللاذقية

وإلى ملاك الكنيسة التي باللاذقية أكتب إليك ما يقول الآمين الشاهد الأمين الصادق بدء خليقة الله إني عالم بأعمالك فلست باردا ولا حارا وليتك بارد أو حار أما وأنت فاتر لا حار ولا بارد فسأتقيأك من فمي فلأنك تقول أنا غني وقد اغتنيت فما أحتاج إلى شيء ولأنك لا تعلم أنك شقي بائس فقير أعمى عريان أشير عليك أن تشتري مني ذهبا منقى بالنار لتغتني وثيابا بيضا لتلبسها فلا يبدو عار عريتك وإثمدا تكحل به عينيك ليعود إليك النظر إني من أحببته أوبخه وأؤدبه فكن حميا وتب هاءنذا واقف على الباب أقرعه فإن سمع أحد صوتي وفتح الباب دخلت إليه وتعشيت معه وتعشى معي والغالب سأهب له أن يجلس معي على عرشي كما غلبت أنا أيضا فجلست مع أبى على عرشه من كان له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس

( فهي أقرب الى الوعظ النبوي المألوف اذ ان الكاتب كما الأمر هو في الأدب النبوي يذكر اسمه ويوجه بلاغه الى أهل عصره تتميز رؤيا يوحنا قبل كل شيء من معظم مؤلفات الأدب الرؤيوي بتفسيرها الديني للتاريخ وبما جعلته المراكز الحقيقية لما صرفت اليه اهتمامها )

( النظرة الاولى التفسير المسيحي للتاريخ أخذت نظرة يوحنا الى آخر الأزمنة بطائفة من الأمور الجوهرية التي استيقنها التفكير اللاهوتي المسيحي في أول نشأته فالعصر الجديد الذي أعلنه وانتظره الأدب الرؤيوي اليهودي قد افتتح ساعة قيامة المسيح لقد ابتدأت الأزمنة الأخيرة ووهبت الخيرات العائدة الى المسيح فقد أفيض الروح على كل بشر لقد قام المسيحي مع المسيح ولكن مجيء الملكوت قد تم على نحو سري فهو لا يزال موضوع وحي ولا يدرك الا بالايمان وهو يسير نحو تحقيقه التام وتجليه المجيد )

اعمال الرسل 2 / 14 - 21

فوقف بطرس مع الأحد عشر فرفع صوته وكلم الناس قال يا رجال اليهودية وأنتم أيها المقيمون في أورشليم جميعا اعلموا هذا وأصغوا إلى ما أقول ليس هؤلاء بسكارى كما حسبتم فالساعة هي الساعة التاسعة من النهار ولكن هذا هو ما قيل بلسان النبي يوئيل سيكون في الأيام الأخيرة يقول الله أني أفيض من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبانكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاما وعلى عبيدي وإمائي أيضا أفيض من روحي في تلك الأيام فيتنبأون وأجعل فوقا أعاجيب في السماء وسفلا آيات في الأرض دما ونارا وعمود دخان فتنقلب الشمس ظلاما والقمر دما قبل أن يأتي يوم الرب اليوم العظيم المجيد فيكون أن كل من يدعو باسم الرب يخلص

رسالة قولسي 3 / 1

فأما وقد قمتم مع المسيح فاسعوا إلى الأمور التي في العلى حيث المسيح قد جلس عن يمين الله

( ان يوم الرب بحسب هذه النظرة المسيحية يصبح مضاعفاً فهو يدل من جهة على حدث قيامة المسيح وارتفاعه في الربوبية وهو من جهة أخرى لا يزال منتظراً لأنه المجيء الثاني أي الظهور الشامل الساطع لملكوت الله بظهور مسيحه هناك الى حين توافق بين الوقت الحاضر والعصر الجديد فالكنيسة هي في الوقت الحاضر ولكنها من العهد المستقبل انها حقيقة أخيرية أي في الوقت نفسه تمام النبوات والباكورة النبوية لنهاية الأزمنة )

( النظرة الثانية موضوع الرؤى لما كانت نهاية الأزمنة قد بدأت فان معنى القطيعة التقليدية بين العصر الحاضر وعصر جديد لم يبق على ما كان فهي لا توحي ما كانت توحي من تعاقب مرحلتين بل توحي بالأحرى التمييز بين نظامين هما النظام التاريخي ونظام نهاية الأزمنة فليس غاية الرؤى من بعد اليوم الدلالة على سياق نهاية الأزمنة لتمهيد الطريق لمجيء يوم الرب انها تهتم اكثر من ذي قبل بالأمور الخفية العجيبة التي قد بدأ عهدها وأخذت تمنح لقد أصبح للتفكير اللاهوتي الذي يتناول المسيح والكنيسة مكان الصدارة على الرؤيوي ان الرجاء المسيحي لا يحيا على انتظار مجيء وشيك فحسب بل على المشاركة في الحاضر لمعركة المسيح المظفرة ايضاً ولذلك فان موضوع الدنو الوشيك لنهاية الأزمنة المألوف في الأدب الزؤيوي لا يدخل كثيراً في التقدير الزمني للأوقات التي تتقدم النهاية فانه يعتمد قبل كل شيء على التيقن ان المرحلة الحاسمة من التدبير الالهي قد ظهرت وافتتحت في حدث الفصح ان الازمنة الأخيرة وشيكة لأنها بدأت في السر والانتظار ثابت فعال بقدر ما يتناول خيرات قد منحت باكورتها منذ اليوم ان رؤيا يوحنا اللاهوتي اذ تفسح في المجال على هذا النحو لتأمل احداث الخلاص وسبر غور حالة الكنيسة تقترب من نظرات الوعظ النبوي الذي يبتغي بعثاً روحياً باحياء ذكرى عجائب العهد وتأمل دعوة اسرائيل وهذا التنبه الى سر الملكوت الآتي في حد ذاته اكثر منه الى موعد ظهوره المجيد يبين من جهة أخرى لماذا لا تعتمد رؤيا يوحنا اساليب النسبة الى الاسماء المنحوله وتقديم التواريخ التي كانت في الأدب الرؤيوي التقليدي ترمي على وجه خاص الى اتاحة التقديرات في شأن دنو يوم الرب )

اعداد الشماس سمير كاكوز